بعدما كانت تُعلّق آمالا كبيرة على حكومة كير ستارمر.. البوليساريو تُعرب عن خيبة أملها بعد تأييد المملكة المتحدة لمقترح الحكم الذاتي
تلقت جبهة البوليساريو الانفصالية صفعة دبلوماسية جديدة بعد أن أيدت حكومة المملكة المتحدة، بقيادة حزب العمال اليساري، مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل جاد وواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء، مما أحدث خيبة أمل كبيرة في أوساط الجبهة التي كانت تراهن على موقف يميل إلى "حق تقرير المصير" بعد صعود حكومة كير ستارمر.
الرد الرسمي لجبهة البوليساريو جاء في بيان لما تصفه بـ"وزارة خارجيتها"، حيث أعربت فيه عن "أسفها العميق وخيبة أملها" إزاء اللغة المستعملة في البيان المشترك الصادر عن المملكة المتحدة والمغرب، والذي وصف المقترح المغربي بأنه "الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية".
الخيبة التي عبّرت عنها البوليساريو لم تكن فقط ناتجة عن مضمون البيان المشترك، بل عن الشعور بالخذلان من حكومة طالما علقت عليها آمالا كبيرة، خصوصا في ظل مواقف عدد من نواب حزب العمال الذين أبدوا سابقا دعما صريحا للجبهة الانفصالية، ما يجعل الموقف الجديد للندن من قضية الصحراء بمثابة خيبة أمل "مزدوجة" للبوليساريو.
ولجأت البوليساريو في ذات البيان على غرار ما فعلت الجزائر أول أمس الأحد في بيانها، (لجأت) إلى محاولة التقليل من أهمية الموقف البريطاني الجديد من قضية الصحراء المغربية، حيث اعتبرت أن لندن لم تعترف بعد بالسيادة المغربية على الصحراء، وأن "الخيبة الوحيدة" هي تأييدها لمقترح الحكم الذاتي.
وبالرغم من أن حكومة كير ستامر كانت قد أعطت إشارات سابقا حول تجنبها لأي دعم لأطروحة الانفصال التي تتبناها البوليساريو، إلا أن الأخيرة كانت تراهن -على الأقل- أن المملكة المتحدة، في ظل حكومة "يسارية" ستتخذ مواقف محايدة غير داعمة لأحد الطرفين، وهو ما خابت فيه الجبهة الانفصالية بعد موقف لندن أمس الأحد.
ويُشار في هذا السياق أن جبهة البوليساريو تلقت بخيبة كبيرة في غشت 2024 جراء موقف الحكومة البريطانية الجديدة التي يقودها اليساري العمالي، كير ستارمر، بشأن اتفاقية الشراكة التجارية التي تجمع لندن بالرباط، والتي تشمل إقليم الصحراء، حيث أيدت الحكومة الجديدة استمرار الاتفاقية دون أي تغيير.
وكان قد تم الكشف عن هذا الموقف عبر الموقع الرسمي لمجلس اللوردات البريطاني، حيث ردت الحكومة البريطانية الجديدة على سؤال كان قد تقدم به النائب البرلماني، بين لايك، موجه لوزير الخارجية، حول ما إذا كان قد أجرى محادثات مع نظيره في المغرب بخصوص تجارة الموارد الطبيعية التي يعود مصدرها إلى الصحراء.
وكان رد الخارجية البريطانية عبر النائب العمالي، هاميش فالكونر، الذي أجاب قائلا: "نحن لا نعتبر النشاط التجاري في الصحراء الغربية غير قانوني طالما يحترم مصالح الشعب الصحراوي"، مضيفا بأن المملكة المتحدة تواصد دعم جهود الأمم المتحدة والمبعوث الأممي للصحراء ستافان دي ميستور، و"نستمر في تشجيع المشاركة البناءة في العملية السياسية".
وكان بعض الموالين لجبهة البوليساريو قد أعربوا عن آمال متفائلة بشأن صعود العماليين اليساريين إلى الحكم في بريطانيا، ولا سيما أن الحزب العمالي البريطاني الحاكم حاليا كان عدد من أعضائه يُعلنون دعمهم لجبهة البوليساريو الانفصالية، غير أن موقف الحكومة الأخير خيب آمال البوليساريو بشكل كبير.
وكان الحزب العمالي البريطاني قد حقق فوزا وُصف بـ"التاريخي" في الانتخابات الأخيرة التي أطاحت بحزب المحافظين الذي ظل متحكما بزمام الأمور السياسية في بريطانيا لمدة تصل إلى 14 سنة، لتُصبح رئاسة الوزراء في يد العمالي كير ستارمز، الرجل الذي أطلق وعودا متفائلة بإنعاش الاقتصاد وتحسين الأوضاع المعيشية.
واعترف ستارمر في أولى خرجاته الإعلامية بعد تعيينه رئيسا للوزراء بأن حالة الاقتصاد البريطاني "سيئة"، وأن حكومته الجديدة ستتخذ القرارات اللازمة لتحسين الأوضاع، مما سيفرض عليه البحث عن الحلول الكفيلة بإنعاش الاقتصاد عبر استثمارات جديدة، والانفتاح على علاقات تجارية واقتصادية أكثر مع البلدان الأخرى، ولا سيما في ظل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وشكل المغرب منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أحد الوجهات التي اختارتها لندن لزيادة تعزيز شراكاتها التجارية والاقتصادية معها، وهو ما يُعتبر بمثابة أرضية سيعتمد عليها ستارمر من أجل المضي قدما في هذا النهج بما يساهم في تحقيقه للوعود التي أطلقها للبريطانيين خلال الحملات الانتخابية التي قام بها.
وكان الإعلامي والخبير في الشؤون البريطانية المقيم في لندن، الدكتور محمد الفنيش، قد صرح لـ"الصحيفة"، بأن "العلاقات المغربية البريطانية هي علاقات تاريخية بين ملكيتين عريقتين، وأن العلاقات الاقتصادية انتعشت أكثر خلال العشر سنوات الأخيرة بين المغرب وبريطانيا، وبالتالي فإن رئيس الوزراء سيعزز ذلك أكثر بمفهوم المصالح المشتركة"، مشيرا إلى أن زعيم حزب العمال "معروف عنه عدم الاندفاع والتسرع، وفي شعار حملته الانتخابية قال البلاد أولا والحزب ثانيا".
وصرح الفنيش، بخصوص مستقبل العلاقات المغربية البريطانية في ظل صعود العماليين وارتباط ذلك بقضية الصحراء المغربية، بأن دور بريطانيا في هذه القضية "دائما كان إيجابيا وهوالدعوة الى حل سلمي متفق عليه ولكن بمعطيات ميدانية موضوعية يملكها المغرب في صحرائه وهي : السيادة والاستقرار والتنمية والإجماع المحلي والوطني بشأن مغربية الصحراء"، مشيرا إلى أن "كل هذه العوامل تجعل من المغرب قوي في طرحه لدى المجتمع الدولي".
وأضاف المتحدث نفسه في هذا السياق قائلا "لا أظن أن الحكومة البريطانية ستتخذ موقفا أحاديا من قضية الصحراء في الوقت الحالي لكنها ستظل دائما مع حلول ترضي جميع الأطراف ولكن إذا ما عملت الدبلوماسية المغربية بشكل أكبر ودافعت عن نقاط القوى التي تملكها في ملف الصحراء المغربية تستطيع فعل ذلك"، وهو ما حدث أمس الأحد، حيث يُعتبر موقف لندن الجديد، "تطور مهم وتاريخي" حسب تعبير وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة.




